الحمى التيفية أو الحمى التُرْقِيَّة Typhoid Fever

تُعتبر الحمى التيفية أو الحمى التُرْقِيَّة من الأمراض المعدية الخطيرة التي لا تزال تُشكل تهديدًا صحيًا في العديد من البلدان النامية، بالرغم من التقدم الطبي واللقاحات المتوفرة. وهي من الأمراض التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسوء الصرف الصحي وضعف البنية التحتية الصحية، مما يجعل فهمها والوقاية منها أولوية في مجتمعاتنا.
في هذا المقال، نستعرض بشيء من التفصيل أسباب الحمى التيفية، أعراضها، طرق تشخيصها، علاجها، سبل الوقاية منها، بالإضافة إلى الإحصائيات والمراجع العلمية الموثوقة.

ما هي الحمى التيفية

الحمى التيفية (Typhoid Fever) هي عدوى بكتيرية حادة تسببها بكتيريا تُعرف باسم Salmonella enterica serotype Typhi، وهي سلالة خاصة من عائلة السالمونيلا. تختلف هذه البكتيريا عن تلك التي تسبب التسمم الغذائي العادي، إذ أنها قادرة على غزو الجهاز الهضمي والدم، والتسبب بمضاعفات خطيرة تهدد الحياة.
تنتقل العدوى غالبًا عن طريق تناول أطعمة أو مشروبات ملوثة ببراز أو بول شخص مصاب، ما يجعلها مرتبطة بسوء النظافة وغياب الصرف الصحي الفعال.

مدى انتشار المرض

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُصاب ما يُقدَّر بـ 11 إلى 20 مليون شخص سنويًا بالحمى التيفية حول العالم، وتُسبب بين 128,000 إلى 161,000 حالة وفاة سنويًا.
تنتشر بشكل خاص في:
* جنوب آسيا
* أفريقيا جنوب الصحراء
* أمريكا اللاتينية
* بعض مناطق الشرق الأوسط، التي تفتقر إلى الماء الصالح للشرب.
**المصدر:** [منظمة الصحة العالمية – WHO](https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/typhoid)

 كيف تحدث العدوى؟

تنتقل بكتيريا التيفية عبر ما يُعرف بـ *سلسلة العدوى الفموية-البرازية*، أي من خلال تناول أو شرب شيء ملوث:
1. شخص مصاب أو حامل للبكتيريا يتغوّط أو يتبول في بيئة غير صحية.
2. تنتقل البكتيريا إلى المياه الجوفية أو تُستخدم في سقي الخضار.
3. يستهلك شخص آخر هذه الأطعمة أو الماء دون تعقيم.
4. تبدأ العدوى.
*ملحوظة:* بعض الأشخاص يصبحون "حاملين دائمين" للعدوى دون أعراض (مثل ماري التيفية الشهيرة) ويشكلون مصدرًا مستمرًا لنقل المرض.

أعراض الحمى التيفية

تبدأ الأعراض عادة بعد *7 إلى 14 يومًا* من التعرض للبكتيريا، ويمكن أن تتدرج كما يلي:

 الأسبوع الأول:

* حمى ترتفع تدريجيًا حتى 40°C
* صداع وألم في الجسم
* ضعف عام وفقدان شهية
* إمساك (أكثر شيوعًا من الإسهال)

الأسبوع الثاني:

* استمرار الحمى
* ظهور طفح جلدي وردي باهت على البطن
* تضخم الكبد والطحال
* بطء في نبض القلب رغم ارتفاع الحرارة (علامة فريدة)

الأسبوع الثالث:

* إرهاق شديد
* هذيان أو ارتباك ذهني
* إمساك أو إسهال مزمن
* خطر حدوث ثقب في الأمعاء أو نزيف معوي.

الأسبوع الرابع:

* تبدأ الأعراض بالاختفاء تدريجيًا
* لكن قد تعود الحمى إذا لم يُستكمل العلاج

التشخيص

يعتمد الأطباء على عدة طرق لتشخيص الحمى التيفية:
  1.*تحاليل الدم*: لتحديد وجود البكتيريا أو الأجسام المضادة.
  2.*تحاليل البراز أو البول*: للكشف عن وجود السالمونيلا.

  3 .*اختبار فيدال (Widal Test)*: لا يُوصى به وحده لأنه يعطي نتائج غير دقيقة في بعض الأحيان.

العلاج

الحمى التيفية تُعالج بمضادات حيوية فعالة، ولكن مع ارتفاع مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية في بعض المناطق، يُصبح اختيار العلاج أمرًا حساسًا.

مضادات حيوية شائعة:

/**سيبروفلوكساسين**: فعال في الحالات غير المعقدة.
/**أزيثروميسين**: خيار بديل، خصوصًا للحوامل.
/**سيفترياكسون**: يُستخدم في الحالات الشديدة أو المعقدة.

توصيات إضافية:

* الراحة التامة.
* شرب كميات كبيرة من الماء.
* مراقبة المضاعفات المحتملة (مثل ثقب الأمعاء).

مضاعفات الحمى التيفية

إذا لم تُعالج، فإن الحمى التيفية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة:
/**ثقب الأمعاء الدقيقة**: أخطر المضاعفات، ويحتاج إلى جراحة فورية.
/**نزيف داخلي شديد**
/**التهاب عضلة القلب**
/**التهاب الكلى أو الكبد**
/**اضطرابات عقلية مؤقتة**

الوقاية من الحمى التيفية

أولًا: التطعيم

توصي منظمة الصحة العالمية بالتطعيم في المناطق ذات الخطورة العالية، وهناك نوعان رئيسيان:

| نوع اللقاح                 | طريقة الاستخدام              |            مدة الفعالية  |


| Ty21a                    |  عن طريق الفم (كبسولات) |     5 سنوات تقريبًا   |

| Vi polysaccharide  |     حقن عضلي                  |         2-3 سنوات       |                          

 ثانيًا: النظافة الشخصية

* غسل اليدين دائمًا بالماء والصابون.
* عدم تناول الأطعمة من الشوارع أو الباعة غير الموثوقين.
* شرب الماء المغلي أو المعبأ.
* تنظيف الخضروات والفواكه بماء نظيف قبل الأكل.

الفرق بين الحمى التيفية والتسمم الغذائي

رغم أن كلاهما يُصيب الجهاز الهضمي، إلا أن الحمى التيفية تُسبب أعراضًا أكثر خطورة وتدوم لفترة أطول:

| المعيار          |          الحمى التيفية        | التسمم الغذائي             |


| العامل المسبب | Salmonella Typhi     | عدة أنواع من البكتيريا  |

| مدة المرض    |          أسابيع                 |        يوم إلى يومين       |

| الحرارة         |    مرتفعة ومستمرة          |      نادراً ما تكون         |

| العلاج           |    يحتاج مضادات حيوية   |     غالبًا يشفى تلقائيًا      | 

 ما بعد الشفاء: هل أُصبح حاملًا للبكتيريا؟

حوالي 5 إلى 10% من المتعافين من الحمى التيفية، قد يصبحون حاملين دائمين للبكتيريا في المرارة دون أعراض. هؤلاء الأشخاص يمكن أن ينقلوا العدوى دون أن يعلموا، ويجب مراقبتهم طبيًا للتأكد من عدم نقلهم العدوى للآخرين.
هل الحمى التيفية تُشكل خطرًا في بعض الدول النامية؟

هل الحمى التيفية تُشكل خطرًا في الدول الفقيرة والنامية؟

بالرغم من تحسن الوضع الصحي في بعض الدول النامية، لا تزال بعض القرى والمناطق المهمشة تُعاني من غياب الماء الصالح للشرب والصرف الصحي، ما يزيد من خطر الإصابة بالحمى التيفية، خصوصًا خلال فصول الحرارة وانتشار الذباب.

مراجع ومصادر موثوقة

* منظمة الصحة العالمية:
[https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/typhoid](https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/typhoid)
* CDC – مراكز السيطرة على الأمراض:
[https://www.cdc.gov/typhoid-fever/index.html](https://www.cdc.gov/typhoid-fever/index.html)
* Mayo Clinic:
[https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/typhoid-fever](https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/typhoid-fever)

خلاصة

الحمى التيفية ليست مرضًا يجب الاستهانة به، فهي قادرة على اختراق الجهاز الهضمي والدم والتسبب بمضاعفات خطيرة قد تودي بالحياة. غير أن الوقاية منها سهلة نسبيًا إذا تم الالتزام بالنظافة، والتطعيم، ومعالجة المرضى في الوقت المناسب. ونظرًا لتغير أنماط المقاومة البكتيرية، من الضروري استشارة طبيب مختص عند ظهور الأعراض وعدم اللجوء للعلاج الذاتي.