![]() |
Foot-and-mouth disease |
مقدمة
تُعد الحمى القلاعية (Foot-and-Mouth Disease - FMD) من أخطر الأمراض الفيروسية التي تصيب الحيوانات ذات الحوافر، خاصة الأبقار والأغنام والماعز والخنازير. هذا المرض ليس فقط مصدر تهديد خطير لصحة الحيوان، بل له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة تؤثر على الأمن الغذائي والتجارة الزراعية العالمية.ورغم أن الحمى القلاعية لا تُعد من الأمراض الخطيرة للإنسان، إلا أن سرعة انتشارها بين الحيوانات، وصعوبة احتوائها، يجعلها على رأس أولويات المنظمات البيطرية والحكومات حول العالم.
في هذا المقال، نستعرض ماهية هذا المرض، أسبابه، أعراضه، طرق انتقاله، وسبل الوقاية والمكافحة، لتقديم فهم شامل ومبسط للقارئ حول هذه المشكلة البيطرية العالمية. مراجعة المجلة البيطرية العالمية - FMD Overview
ما هي الحمى القلاعية؟
الحمى القلاعية مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الحيوانات المشقوقة الظلف، مثل الأبقار والخنازير والماعز والغزلان. يسببه فيروس ينتمي إلى جنس Aphthovirus من عائلة Picornaviridae.ويتميز المرض بظهور بثور وتقرحات في الفم وعلى الأقدام، مما يسبب للحيوانات ألماً شديداً يؤدي إلى صعوبة في الحركة والأكل، وقد يتسبب في انخفاض إنتاج الحليب، والنفوق في بعض الحالات.
سلالات الفيروس
يوجد سبعة أنواع مصلية رئيسية من فيروس الحمى القلاعية، وهي: A-O-C-SAT1-SAT2-SAT3-ASIA1كل سلالة تحتوي على أنماط فرعية متعددة، مما يجعل تصميم لقاح فعال يغطي كل الأنواع أمرًا صعبًا. ويُعد النوع "O" الأكثر انتشارًا عالميًا، وخصوصًا في إفريقيا وآسيا.
كيف ينتقل الفيروس؟
فيروس الحمى القلاعية شديد العدوى وينتقل بوسائل متعددة، من أهمها:الاتصال المباشر: بين الحيوانات المصابة والسليمة.
الاتصال غير المباشر: من خلال العلف الملوث، المياه، الأدوات، وسائل النقل، أو حتى البشر الذين يعملون مع الحيوانات.
الهواء: يمكن أن ينتقل الفيروس عبر الهواء لمسافات طويلة، خاصة في المناطق الرطبة أو الباردة.
الإفرازات: ينتقل عبر اللعاب، الحليب، البول، البراز، والسوائل التي تخرج من البثور.
أعراض الحمى القلاعية
تظهر الأعراض بعد فترة حضانة تمتد من 2 إلى 14 يومًا، وتشمل:1. ارتفاع الحرارة
تُعد الحمى من أولى علامات الإصابة، حيث ترتفع درجة حرارة الحيوان المصاب إلى 40 أو 41 درجة مئوية.
2. ظهور البثور
تظهر بثور مائية على:
اللسان
اللثة
الحنك
الشفاه
حول الأظلاف
3. صعوبة في الأكل والمشي
نتيجة الألم الشديد في الفم والقدمين، تتوقف الحيوانات عن الأكل وتجد صعوبة في الوقوف أو المشي.
4. انخفاض إنتاج الحليب
يُلاحظ ذلك خاصة في الأبقار، وقد يستمر لفترة طويلة حتى بعد شفاء الحيوان.
5. إجهاض أو ضعف النمو
في حالات العدوى الشديدة، قد تتعرض الإناث الحوامل للإجهاض، كما يتأثر النمو العام لصغار الحيوانات.
التأثير الاقتصادي للمرض
تُعد الحمى القلاعية من الأمراض ذات الأثر الاقتصادي الكبير للأسباب التالية:خسائر في الإنتاج: بسبب تراجع إنتاج الحليب، والنمو، وارتفاع نسبة النفوق في بعض الحالات.
قيود على التجارة: تمنع الدول استيراد الحيوانات أو منتجاتها من المناطق الموبوءة.
تكاليف المكافحة: تشمل اللقاحات، الأدوية، التطهير، وتعويضات الإعدام.
الإعدام الوقائي: في بعض الحالات، يتم ذبح أعداد كبيرة من الحيوانات للسيطرة على انتشار المرض.
هل تنتقل الحمى القلاعية إلى الإنسان؟
يُعد انتقال الحمى القلاعية إلى البشر نادرًا جدًا، وعند حدوثه، تكون الأعراض خفيفة وتشبه الإنفلونزا، مع ظهور بثور خفيفة على اليدين أو القدمين أو الفم.ملاحظة: الحمى القلاعية ليست نفس المرض المعروف عند الأطفال باسم مرض اليد والقدم والفم، فهما مرضان مختلفان تمامًا.
طرق التشخيص
يعتمد تشخيص المرض على الأعراض السريرية، ولكن للتأكيد يتم استخدام الفحوصات التالية:اختبارات مصلية مثل ELISA
اختبار PCR للكشف عن الحمض النووي للفيروس
زرع الفيروس في المختبر
تُعد هذه الفحوصات ضرورية لتحديد السلالة، وهو أمر مهم لاختيار اللقاح المناسب.
طرق الوقاية والمكافحة
نظرًا لخطورة المرض، فإن الوقاية منه تتطلب تطبيق إجراءات مشددة، من أهمها:1. التطعيم
يُعد التطعيم الدوري ضد سلالات الحمى القلاعية المتداولة محليًا وسيلة فعالة لتقليل انتشار المرض. يتم تطعيم الحيوانات مرة أو أكثر سنويًا حسب الظروف الوبائية.
2. الحجر الصحي
عند الاشتباه في وجود حالات، يجب عزل الحيوانات المصابة ومنع حركة الحيوانات بين المزارع.
3. التطهير والتعقيم
ينبغي تنظيف وتعقيم الحظائر، الأدوات، والملابس الخاصة بالعمال باستخدام مواد فعالة مثل الفورمالين أو مركبات اليود.
4. الرقابة على الحدود
منع إدخال الحيوانات أو المنتجات الحيوانية من الدول الموبوءة، مع تشديد الرقابة على نقاط الدخول.
5. الإبلاغ الفوري
يجب الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها إلى السلطات البيطرية فورًا لتفادي انتشار المرض.
تجارب دولية ناجحة
تمكنت بعض الدول من القضاء تمامًا على الحمى القلاعية بفضل حملات تطعيم منهجية، ومراقبة بيطرية صارمة. ومن الأمثلة:أستراليا: تُعتبر خالية من المرض منذ عقود.
الولايات المتحدة: تطبق إجراءات حجر بيطري صارمة جدًا.
الاتحاد الأوروبي: يعتمد استراتيجية الإبادة السريعة للحالات المصابة وعدم التلقيح إلا عند الضرورة.
الخلاصة
الحمى القلاعية ليست مجرد مرض بيطري عابر، بل تهديد خطير لصحة الحيوان والاقتصاد الزراعي. والوقاية منها تتطلب تضافر جهود الحكومات والمربين والمستهلكين.إن التوعية، والفحص المستمر، والتطعيم الدوري، هي أدوات لا غنى عنها للحفاظ على الثروة الحيوانية وصحة الإنسان في آنٍ واحد.